للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَيْهِ السَّلَامُ - الفتنة في صلاته بالنظر فيها؟ إلى ما يروق منظره، فغيره بذلك أولى. ولهذا المعنى كره العلماء تزويق المساجد. وكذلك سائر الحواس الخمس، لا تعلق لها بشيء من الصلاة حاشى السمع، فإِن الأصم لا ينبغي أن يُتخذ إماماً راتباً، لأنه قد يسهو فيسبح له، فلا يسمع، فيكون ذلك سبباً لِإفساد الصلاة.

وإنما كره أن يتخذ الأعمى إماما راتباً مَن كرهه. واللَّه أعلم. من أجل أنه قد يتوضأ بماءٍ غير طاهر، يصلي بثوب نجس، وهو لا يعلم، إذ لا يبصر النجاسة، ولا تغير لون الماء، وأما نقصان الجوارح كاليد والرجل فلهما تعلق بالصلاة، ولذلك اختلف في إمامة الأشل، والأقطع، وقد مضى الكلام على هذا في سماع زونان من كتاب الصلاة.

[الحض على الصدق وما جاء فيه]

في الحض على الصدق وما جاء فيه قال: وسمعت مالكاً يقول: قال عمر بن الخطاب: عليك بالصدق ولو ظننت أنه مُهلك.

قال محمد بن رشد: قوله: وإن ظننت أنه مهلك. معناه: وإن خشيت ذلك، ما لم تتيقنه، لأن الظن قد يكون بمعنى الشك، وبمعنى اليقين، وذلك لما يلزم الرجل أن يصدع فيه بالحق، لما يرجو في الصدق من الصلاح، ويخاف في الكذب من الفساد، كالكلام عند السلطان وشبه ذلك، فهذا الذي ينبغي فيه الصدق، وإن ظن أن في ذلك هلاكه، ما لم يتيقن الهلاك في الصدق فيه فيسعُه السكوت عليه. ولا يحل له الكذب فيه، إِلَا أن يضطر إلى ذلك بالخوف على نفسه، وإنما يلزمه الصدق وإن خاف على نفسه فيما عليه من الحقوق، كالقتل والسرقة والزنا. وشبه ذلك. والكذب ينقسم على أربعة أقسام: كذب لا يتعلق فيه حق لمخلوق، وهو الكذب فيما لا مضرة فيه، ولا يقصد به وجهاً من وجوه الخير، وهو قول الرجل في حديثه كان كذا وكذا، وجرى كذا وكذا، لِما لم يكن ولا جرى، فهذا الكذب محرم في الشريعة بإجماع العلماء، وهو الذي جاء فيه عن النبي عليه السلام: " إن

<<  <  ج: ص:  >  >>