ليخرج إليه يوم أحد، استعان يهود النضير فقال لهم: "إنا وأنتم أهل كتاب، وإن لأهل الكتاب النصر على أهل الكتاب، فإما قاتلتم معنا، وإما أعرتمونا سلاحا» ، فإن غزوا بإذن الإمام أو بغير إذن الإمام منفردين تُركت لهم غنيمتهم ولم تُخمس، وإن غزوا مع المسلمين في عسكرهم لم يكن لهم في الغنيمة نصيب، إلا أن يكونوا متكافئين، أو هم الغالبون، فتقسم بينهم وبين المسلمين قبل أن تخمس، ثم يخمس سهم المسلمين خاصة.
وأهل الكتاب وغيرهم عند مالك في هذا سواء، وحكى الطحاوي عن أبي حنيفة وأصحابه أنه أجاز الاستعانة بأهل الكتاب دون من سواهم من المشركين عبدة الأوثان والمجوس، وصحّح الآثار على ذلك، قال: وإنما لم يستعن رسول الله بحلفاء الأنصار من يهود للحلف الذي كان بينهم وبين عبد الله بن أبي المنافق؛ لأنهم خرجوا بذلك من حكم أهل الكتاب، وهو من التأويل البعيد؛ ولا بأس بأن يُستعار السلاح من الكفار كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأجاز ابن حبيب أن يقوي الإمام من سالمه من أهل الحرب على من لم يسالمه منهم بالقوة والسلاح، وأن يسايروه بحداء عسكر المسلمين ما لم يكونوا في داخله وسبيل أهله.
[مسألة حكم الإسهام في الغنيمة لمن لم يسمع كلام الأمير]
مسألة قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن أمير سرية خرج بأصحابه حتى إذا دنا من أرض العدو عرض لهم نهر، فقال لأصحابه: اعبروا النهر لعل الله أن يغنمنا، فكره ذلك بعضهم وقالوا: لا تغرر بنا، فإن إجازة هذا النهر شديد الخطر، وذكروا له بعض ما اعتذروا له، وأشاروا إليه ألا يجوزوه، وأطاعه بعضهم، فأجاز بهم