بالدين إنما يكون في المضمونين جميعا، فعلى قوله فيها يجوز شراء الغائب البعيد الغيبة بالدين.
والثاني: قوله إن الضمان في الغائب القريب الغيبة من المبتاع؛ لأنه لما قال: إن ذلك لا يجوز في البعيد الغيبة؛ لأن الضمان على البائع، دل ذلك على أنه إنما يجوز في القريب الغيبة حيث يكون الضمان على المشتري؛ فلا يكون ابتياعه بدين دينا في دين، وذلك خلاف قوله في المدونة؛ لأنه قد نص فيها أنه أخذ بقول مالك الذي رجع إليه: أن الضمان في الغائب المشترى على الصفة من البائع وإن قربت غيبته جدا بحيث يجوز اشتراط النقد فيه؛ وقد حكى ابن حبيب: أنه لا اختلاف في أن الضمان من المبتاع فيما يجوز فيه النقد، وليس ذلك بصحيح لما قد نص عليه في المدونة.
[مسألة: باع من رجل طعاما بثمن إلى أجل]
مسألة وقال في رجل باع من رجل طعاما بثمن إلى أجل، ثم إن الذي عليه الحق احتاج إلى أخذ دنانير في طعام، فأراد الذي يسأله الدنانير من ثمن الطعام أن يسلفه ولم يقرب أجل الحق الذي له وبينه وبين ذلك أشهر: إنه لا بأس بذلك، قيل: فأراد أن يرتهن مع ذلك رهنا بالأول والآخر، قال: هذا حرام لا يحل.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه لا بأس أن يبيع الرجل من الرجل طعاما بثمن إلى أجل ثم يسلف إليه أيضا دنانير في طعام إلى أجل؛ لأنهما مبايعتان صحيحتان لا تقدح إحداهما في الأخرى، وإنما شرط أن تكون المبايعة الثانية قبل أن تحل الأولى أو بقرب حلولها، لئلا يقضيه الدنانير التي أسلفه في الطعام في ثمن الطعام الذي له عليه، فيكون