[مسألة: يأتي البيت فيه القمح فيسرق منه وينقل بقيته قليلا قليلا]
مسألة قيل له أرأيت الذي يأتي البيت فيه القمح فيسرق منه وينقل بقيته قليلا قليلا ما لا يجب فيه القطع في كل نقلة نقلها إلى خارج فينقله. حتى يجتمع له ما يجب فيه القطع في سرقة واحدة، فقال: أرى على هذا القطع لأنها سرقة واحدة، ولكن ثقل ذلك عليه فحمل من البيت إلى الحجرة ومن الحجرة إلى خارج، فأراه وجب عليه في هذا القطع. قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن السارق إذا وجد الشيء المجتمع في البيت من الطعام أو المتاع الذي لا يقدر أن يخرجه في مرة فجعل ينقله شيئا شيئا أنها سرقة واحدة؛ لأنه إنما خرج بما خرج به مما وجد بنية العودة إلى الرجوع عن الباقي، فوجب عليه في ذلك القطع ولم يصدق في أنها سرقة أخرى بنية ثانية، وما في سماع أبي زيد عن ابن القاسم من أن السارق إذا دخل البيت في ليلة عشر مرات، وكل ذلك يخرج بقيمة درهم، أو درهمين لا قطع عليه حتى يخرج في مرة واحدة بقيمة ثلاثة دراهم ليس بخلاف لقول مالك في هذه الرواية؛ لأن الذي دخل في البيت في ليلة عشر مرات يحتمل أن يكون عاد مرة بعد أخرى لانتقال ما وجد في البيت، ويحتمل أن يكون عاد مرة بعد أخرى ليلتمس ما يسرق سوى ما سرق أولا احتمالا واحدا فصدق السارق في أنها سرقات مفترقات، والذي وجد القمح فجعل ينقله شيئا فشيئا الأظهر أنها سرقة واحدة فلم يصدق السارق في أنها سرقات مفترقات، وقد قال سحنون في الذي يدخل البيت مرات في ليلة واحدة فيجتمع مما خرج به ما يجب فيه القطع أنه يقطع إن كان ذلك في فور واحد فلم يصدق في أنها سرقات مفترقات إذا كانت في فور واحد، وصدقه ابن القاسم في رواية أبي زيد عنه، وقوله أولى؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وأما في مثل القمح