الناس هذا الكلام على ظاهره من أن الصغار من اليتامى الذكور الذين إلى نظر العبد بمنزلة الإناث اللواتي إلى نظره نكاحهم إليه، ولا يعقده هو، ولكنه يستخلف غيره على ذلك مثل ظاهر رواية ابن القاسم هذه وما في المدونة من قوله: ولا تعقد المرأة النكاح على أحد من الناس خلاف ما في رسم باع شاة، من سماع عيسى، وذلك خطأ صراح لما بيناه من أن الاعتبار بالولاية في النكاح إنما هي من جهة المرأة لا من جهة الرجل، والصواب أن رواية عيسى صحيحة مبينة لرواية ابن القاسم هذه على ما تأولناها عليه، ولما في المدونة لأن قوله فيها: ولا تعقد المرأة النكاح على أحد من الناس معناه على أحد من النساء، ولما في كتاب ابن المواز لأن قوله فيه: وكذلك الصغار من اليتامى الذكور، معناه أنهم بمنزلة الإناث في أن نكاحهم إليه لا في أنه لا يعقده هو، ولكنه يستخلف غيره، وأما العبد والكافر في بناتهما فلا يعقدان النكاح عليهن ولا يستخلفان على ذلك أحدا، ولا اختلاف في هذا، فالعبد يزوج ابنه وابن من أوصى إليه، ولا يزوج ابنته، ولا يستخلف من يزوجها، ويستخلف من يزوج ابنة من أوصى إليه ولا يزوجها هو، وكذلك النصراني سواء مثل العبد في هذا، والمرأة تلي العقد على من إلى نظرها من الذكور، ولا تليه على من إلى نظرها من النساء لكنها تستخلف على ذلك رجلا يصح له العقد، فهذا تحصيل القول في هذه المسألة، وبالله التوفيق.
[مسألة: عبد أراد سيده أن يزوجه أمته فقال لا حاجة لي بالتزويج]
مسألة قال مالك في عبد أراد سيده أن يزوجه أمته فقال: لا حاجة لي بالتزويج، يسترق ولدي، قال: فتزوجها وولدك حر، فكره ذلك مالك أن يجعله للعبد شرطا، فإن وقع النكاح فسخ في العبد كما يفسخ في الحر، دخل أو لم يدخل، ويكون الولد إن ولد له أحرارا. قال محمد بن رشد: قوله: إن النكاح يفسخ قبل الدخول وبعده هو مثل ما يأتي في رسم الجواب من سماع عيسى، وفي رسم الكبش من سماع يحيى، ومثل ما في الواضحة وغيرها، لا أعرف في ذلك نص خلاف، ولا يبعد