فانقلبت إلى امرأتي فقلت لها إني أخشى أن أكون وقعت في عظيم، فقالت: ما هو؟ قال: إني قد حلفت لأمي بطلاقك أنك لا تأمرني فيها ولا تمنعيني أن أنفعها، وإنما المال الذي في يد الرجل مال المرأة، فقالت له: قد قلت لك عام الأول لا تعطيها شيئا من مالي، قال: فذكرت له ذلك.
فقال مالك: أراها قد بانت منك بثلاث.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال أنه إنما حلف على يقينه ناسيا لقولها، فلما تذكره وجب عليه الحنث؛ لأن ذلك لغو وهو لا يكون إلا في اليمين بالله أو ما كان في معناه، وبالله التوفيق.
[مسألة: يسلمه الرجل وديعة فقال امرأتي طالق البتة إن كانت في بيتي]
مسألة وسئل مالك: عن رجل يسلمه الرجل وديعة كان استرفقه إياها قال قد دفعتها إليك، فما زال العداء بينهما حتى قال امرأتي طالق البتة إن كانت في بيتي، فلقيه رجل فقال له في علمك، فقال: في علمي.
قال مالك: إن كان استثناؤه ذلك نسقا متتابعا ليس فيما بينهما صمات وكان ذلك كلاما واحدا نسقا فلا أرى عليه حنثا، وله ثنياه.
قال محمد بن رشد: يريد أن ثنياه تنفعه إن وجدت الوديعة في بيته ولا يحنث، وهو صحيح لأنه قيد عموم قوله بالعلم، وغير العلم بالعلم، فخرج من ذلك غير العلم؛ لأن تقييد العموم بصفة يقتضي أن يخرج منه من ليس على تلك الصفة، فذلك في المعنى كالاستثناء بحرف من حروف الاستثناء، فوجب أن يكون له حكمه في أنه عامل بشرط تحريك اللسان واتصاله بالكلام، وقد مضى هذا المعنى مبينا في رسم الجنائز والذبائح والنذور من سماع أشهب من كتاب النذور وبالله التوفيق.