الراهن إذا أبى أن يصلح البئر، كان للمرتهن أن يصلحها ليحيى رهنه، ولا يرجع بذلك على الراهن، وتكون نفقته في الرهن مبدأة على الدين، فإن وفى الرهن بالنفقة والدين، وفضل منه فضل، كان للراهن، وإن لم يكن في الرهن إلا مقدار النفقة، رجع المرتهن بذمته على الراهن، وإن لم يف الرهن بالنفقة لم يرجع على الراهن بما بقي له من نفقته، قال أشهب: ويكون أولى بماء البئر، حتى يعطيه بقية نفقته، فإذا أعطاه إياها أخذ البئر بمائها، ولم يكن له عليه بما انتفع من مائها شيء؛ لأنه كان ضامنا له بنفقته، لو غار ماؤها ذهبت نفقته، فيكون له الماء بالضمان. فقول ابن القاسم في المدونة: إن المرتهن إذا أنفق في إصلاح الرهن لا يرجع بشيء من ذلك على الراهن، وإنما تكون نفقته في الرهن مبدأة على الدين، فإن لم يف الرهن بها، لم يتبعه بالبقية، يدل على أن الراهن عنده لا يلزمه إصلاح البئر، وإن كان له مال، خلاف رواية يحيى هذه، إن ذلك يلزمه إن كان له مال، ويأتي على مذهبه بأن ذلك يلزمه أن المرتهن إن تطوع بإصلاحها فلم يف الرهن بنفقته في إصلاحها، اتبع الراهن بما بقي من نفقته مع دينه، ويحتمل أن نتأول في هذه الرواية على أن الرهن كان مشترطا في أصل البيع أو السلف، فلا يكون ذلك اختلافا من القول. وبالله التوفيق.
[باع سلعة من رجل وارتهن عبدا فاستحق من يده]
من سماع سحنون من ابن القاسم قلت لسحنون: بلغني عنك أنك تقول في رجل باع سلعة من رجل، وارتهن عبدا فاستحق من يده، فقلت: إن كان الراهن غره به، كان الحق عليه كله معجلا، وهو بمنزلة ما لو كان باعه ثقة، وإن كان لم يغره كان بمنزلة موته، أفأنت تقوله؟ قال نعم، أنا أقوله، فقلت: له: فسواء عندك أن كان بايعه على رهن بعينه، أو بغير عينه، فقال: ليس ذلك عندي سواء، إن كان الرهن بعينه، فهو على ما ذكرت لك، وإن كان بغير عينه، أتاه برهن آخر من حقه.