ومن كتاب أوله اغتسل على غير نية وسئل مالك: عن رجل تصدق على امرأته بخادم له وهي معه في البيت، فكانت تخدمها على حالها ما كانت عليه، قال: إذا كانت تخدمها فلا أراها إلا لها.. قال سحنون: وكذلك لو كان رهنها خادما. فكانت عندها تخدمها على حال ما كانت، إن الرهن جائز، وإن حوزها لها حوز، وقال سحنون: من أحوز لها منها؟
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى تحصيل القول فيها في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم من كتاب الرهون. وقلنا: إنه يتحصل فيها ثلاثة أقوال فيما بين الصدقة والرهن:
أحدها: إن ذلك جائز، وهي حيازة في الرهن والصدقة، وهو قول سحنون في هذه الرواية؛ لأنه إذا رأى الحيازة عاملة في الرهن، فأحرى أن يراها عاملة في الصدقة.
والثاني: إنها غير عاملة فيهما جميعا، وهو قول مالك في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم من كتاب الرهون وقوله في رسم الوصايا بعد هذا من سماع أشهب؛ لأنه ضعيف الحيازة في الوضعين في الصدقة، فأحرى أن يضعفها في الرهن.
والثالث: الفرق بين الصدقة والرهن، وهو قول ابن القاسم في سماع أصبغ من كتاب الرهون، وكذلك لو تصدقت هي بالخادم التي تخدمها على زوجها، أو رهنته إياها بدليل ما وقع في رسم الوصايا من سماع أشهب بعد هذا من استدلاله بهبتها له على هبته لها؛ لأن أيديهما جميعا على الخادم، فمرة على يده، ومرة على يدها، والأظهر أن يغلب يده، فيفرق بين أن تكون هي التي وهبته أو رهنته، وبين أن يكون هو الذي وهبها أو رهنها؛ لأن يده أقوى من يدها، بدليل أنه لم يختلف قول مالك وابن القاسم في أن القول قول الزوج إذا اختلفا في متاع البيت، وهو مما يكون للرجال والنساء. وقد قيل: إنه لا يد لها معه. فالقول قوله إذا اختلفا في متاع البيت، وإن كان ذلك من متاع النساء. وبالله التوفيق.