والركوب الذي لا يمكنه قبضه جملة؟ وقد وقع في المجموعة لابن القاسم وعبد الملك فيمن اكترى دارا أو أرضا، فغصبها منه رجل، فسكن وزرع؛ أن الكراء على المكتري، إلا أن يكون سلطان ليس فوقه سلطان، يمنع منه إلا الله، وليس السلطان كغيره، وهو عندي تفسير لما تقدم، ولأنه إذا أخرجه من الدار، من يقدر على الامتناع منه برفعه إلى من يحول بينه وبينه، فلم يفعل فكأنه قد سلم له الدار، وأما إذا غصبه فيها وأخرجه عنها من لا يقدر على الامتناع منه، فهو كانهدامها الذي لا صنع له فيه، ولا قدرة له على الامتناع منه، وكذلك الدابة سواء.
وقد حكى ابن حارث أنه رأى في بعض الكتب عن سحنون، أن المصيبة من المكتري، وهو بعيد، فإن قيل: إن ذلك على القول بأن قبض أوائل الكراء، قبض لجميع الكراء، عورض بجميعهم، على أن انهدام الدار من رب الدار. قال ابن حارث: وينبغي أن ينظر في الغصب إن كان قصد به رقبة الدار أو السكنى، فإن كان غصبه لرقبة الدار، فهو كالانهدام، وإن كان للسكنى فهو من المكتري، والله أعلم.
وهي تفرقة لا وجه لها في هذا، وإنما تفترق فيما يضمن الغاصب على ما روى أصبغ عن ابن القاسم في الذي يغتصب السكنى قط، فتنهدم الدار في سكناه، مثل هؤلاء المسودة الذين ينزلون على الناس، أنه لا ضمان عليه للهدم، ولا يجب عليه إلا قيمة الكراء. وقاله أصبغ؛ لأنهم لم يغصبوا رقاب الدور، إلا أن تنهدم من طول سكناهم، وفي هذا بيان.
والحزمي قاضي مصر أيام الهادي والرشيد، اسمه عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمر بن حزم الأنصاري، يكنى أبا الطاهر الأعرج، والله الموفق.
[تقوم له البينة أن رجلا غصبه أرضا له فيأتي الذي استحق عليه الغصب بالبينة]
ومن كتاب الجواب وسألته عن الرجل تقوم له البينة أن رجلا غصبه أرضا له،