قال الإمام القاضي أبو الوليد: الكراهية في هذا كله بينة، أما تعليم الرجل ابنه كتاب العجم، فللاشتغال بما لا منفعة فيه، ولا فائدة له، عما له منفعة وفائدة مع ما فيه من إدخال السرور عليهم بإظهار المنفعة بكتابهم والرغبة في تعليمه، وذلك من توليهم، وقد قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: ٥١] ، وأما تعليم المسلم النصراني، فلما فيه من الذريعة إلى قراءتهم القرآن مع ما هم عليه من التكذيب له والكفر به، وقد قال ابن حبيب في الواضحة: إن ذلك ممن فعله مسقط لإمامته وشهادته، وقد مضى ذلك في سماع أشهب، من كتاب الجعل والإجارة، والله الموفق.
[مسألة: صياح الإمام في الناس بجواز ذهبهم كلها]
مسألة وسئل مالك عن صياح الإمام في الناس بجواز ذهبهم كلها، فقال: ما يعجبني ذلك، وما أرى أن يفعل ذلك بالناس، ولا أحب أن يكره الناس على ذلك، وأرى أن لا يكره الناس إلا بما أحبوا من النقد، فقلت له: يا أبا عبد الله: إن عندنا دنانير دمشقية توضع في عيونها درهم لكل دينار، وذلك أن الصيارفة ردوها ليأخذوا على عيوبها، وهي عندكم جارية، فلا ترى مثل هذا للإمام أن يقصر الناس عليه. قال مالك: لا أرى ذلك يبيع الرجل بأي نقد أحب، ولا يكره أحد على شيء.
قال محمد بن رشد: معنى ما سأله عنه من صياح الإمام في الناس بجواز ذهبهم كلها هو أن يجوزوا فيما بينهم جميع الأذهاب إذا لم تكن مغشوشة، ولا يردوا منها شيئا، وإن اختلفت أعيانها، فكره الصيارفة