للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الذي قال: كنت أقررت لك بألف دينار إذ كنت صبيا فيتخرج ذلك على قولين: أحدهما وهو الأصح: أنه لا يلزمه ذلك إذا كان كلامه نسقا متتابعا. وعلى ذلك يأتي قول ابن القاسم في المدونة: إذا قال لزوجته قد طلقتك وأنا صبي إنه لا يلزمه شيء، وكذلك إذا قال لها: قد طلقتك وأنا مجنون إذا كان يعرف بالجنون. وإذا أقر بالخاتم لرجل وقال: الفص لي أو بالبقعة وقال البنيان لي وكان الكلام نسقا؛ والثاني: أنه يلزمه وإن كان الكلام نسقا متتابعا؛ لأنه يتهم أن يكون استدرك ذلك ووصله بكلامه ليخرج عما أقر به. وعلى ذلك قول ابن القاسم في سماع أصبغ عنه في تفرقته بين أن يقول: لفلان علي ألف دينار وعلى فلان وفلان، وبين أن يقول: لفلان علي وعلى فلان وفلان ألف دينار، قال: لأن الأول أقر على نفسه بألف دينار، فلا يقبل قوله بعد ذلك، وعلى فلان وفلان وإن كان الكلام نسقا متتابعا. وعلى قول ابن القاسم في هذه المسألة يأتي قول سحنون في هذه الرواية، وهو قول ضعيف، وما في المدونة أصح وأولى بالصواب.

فالمسألتان مفترقتان، وإنما كان يكون قوله: كنت أقررت لك بألف دينار، إذ كنت صبيا، مثل قوله: لو قال كنت استسلفت منك ألف دينار، إذ كنت صبيا؛ لأن الوجهين جميعا، يستويان في أنهما لا يلزمانه في حال الصبا. وبالله التوفيق.

[مسألة: أكره رجلا أن يدخل بيت رجل يخرج منه متاعا فأخرج له ما أمره]

مسألة وسئل سحنون عن رجل من العمال، أكره رجلا أن يدخل بيت رجل يخرج منه متاعا يدفعه إليه، فأخرج له ما أمره به، فدفعه إليه، ثم عزل ذلك العامل الغاصب، ثم أتى المغصوب منه المتاع، يطلب ما غصب منه. هل يكون له أن يأخذ بماله من شاء وإن شاء الآمر وإن شاء المأمور؟ فقال: نعم له أن يأخذ بماله من شاء منهما. قيل له: فإن أخذ ماله من الذي أكره

<<  <  ج: ص:  >  >>