[مسألة: الشاهد تجوز شهادته للمشهود له إذا كان موسرا بماله عليه من الدين مليا به]
مسألة قال أصبغ: قال لي ابن القاسم في رجل أقام على ميت بينة بألف دينار، فجاء أولياء المقتول بشهيدين يشهدان أنه أبرأه، فجاء المدعي بشهيدين على هذين الشهيدين أن للميت عليهما دينا، أو له عندهما مالا قراضا أو وديعة؛ أنهما إن كانا موسرين بذلك جازت شهادتهما على ما شهدا، وإن كانا غير موسرين بذلك لم تجز شهادتهما؛ لأنهما يدفعان عن أنفسهما الطلب، وما أشبه ذلك، وإنهما إن أقرا بالدين إلا أنهما معسران، لم ينفعهما ذلك، ولم تجز شهادتهما، وإن قالا في الوديعة والقراض قد ضاع ذلك، فأما الوديعة فأرى شهادتهما جائزة، ولا يستحلفهما إن لم يكونا متهمين، وإن كانا متهمين استحلفا، وسكت عن الجواب في القراض هاهنا، ولم يجب بشيء، قال أصبغ: وأرى أنهما سواء، وذلك إذا كان ذهابهما طريا، مما لا يجري عليهما فيه خصومة ولا حجة، وإن ذكرا ذهابا قديما مما تدخل فيه التهمة والخصومة، لم تجز شهادتهما.
قال الإمام القاضي: قوله: إنهما إن كانا موسرين بذلك، جازت شهادتهما على ما شهدا به صحيح لا اختلاف في أن الشاهد تجوز شهادته للمشهود له إذا كان موسرا بماله عليه من الدين مليا به، لا مشقة عليه في إحضاره، كما أنه لا اختلاف عندي في أن شهادته له لا تجوز إذا كان مليا بماله عليه من الدين، إلا أنه لا يمكنه إحضاره إلا ببيع ما يشق عليه من عقاره وعروضه؛ لأنه يتهم أن يكون إنما شهد له ليؤخره إلى أن تأتي فائدته،