قال محمد بن رشد: قوله: أرى أن يؤدي فضل ذلك - يريد واجبا عليه، وهو أصح ما في المدونة، لأنه قال فيها: أحب إلي أن يؤدي؛ لأن نهاية خرص الخارص، أن يجعل في القوة كحكم الحاكم، وقد أجمعوا أن الحاكم إذا حكم بما لم يختلف فيه أنه خطأ، تنقض قضيته؛ وهذا الاختلاف إنما هو إذا خرصه عالم (في زمن العدل) وأما إذا خرصه جاهل، أو عالم في زمن الجور، فلا يلتفت إلى ذلك، ويعمل صاحب المال على ما وجد، فقول أشهب: إن كان في زمن العدل عمل على ما خرص - زاد أو نقص، وإن كان في زمن الجور، عمل على ما وجد - زاد أيضا أو نقص -؛ مفسر لما في المدونة، وكذلك ما روي عن مالك من أنه إن خرصه عالم، عمل على ما خرص؛ وإن خرصه جاهل، عمل على ما وجد مفسر أيضا لما في المدونة، وقد كان بعض الناس يحمل الروايات على ظاهرها فيجعلها أربعة أقوال، وهو تأويل خطأ - والله أعلم، وبه التوفيق.
[مسألة: أيكلف الناس أن يحملوا زكاة ثمارهم إلى من يلي أخذها]
مسألة وسئل: أيكلف الناس أن يحملوا زكاة ثمارهم إلى من يلي أخذها؟ قال: ولكن يأخذونها يأتونه في حائطه، ولا يكلفون حمل ذلك إليهم؛ كذلك أهل الزرع يؤتون في مواضعهم، ولا يكلفون حمل ذلك إليهم، وكذلك أصحاب المواشي لا يكلفون المشقة، ولا جلبها إليهم، ولكن يؤتون في مجامعهم.