للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: قال الحلال عليه حرام إن غبت عن دار القاضي حتى أعطيك حقك]

ومن كتاب أوله جاع فباع امرأته مسألة وسئل عن رجل تعلق به غريمه فلط به وسأله حميلا أن يوافيه دار القاضي فقال الحلال عليه حرام إن غبت عن دار القاضي حتى أعطيك حقك أو يفصل بيننا القاضي، قال: فاختلف أبدا كل يوم إلى دار القاضي في حين يختلف الناس إلا أن توفيه حقه فلا يكون عليك شيء، قال: فإن وضع عني؟ قال: إن وضع عنك حنث، قيل له: فإن غاب الذي له الحق؟ قال: احضر أنت، فإن غاب ليس عليك شيء.

قال محمد بن أحمد: قوله في الذي يحلف ألا يغيب عن دار القاضي إنه ليس عليه ألا يغيب عن دار القاضي أبدا وإنما عليه ألا يغيب عنه في حين اختلاف الناس إليه، نحوه في سماع أصبغ، وهو صحيح؛ لأن الأيمان إنما تحمل على ما يُعرف من مقاصد الناس بها ولا تحمل على مقتضى ألفاظها إذا تبين أن المقصد خلافها، فقد يكون المقصد متيقنا معلوما فلا يختلف في وجوب الاعتبار به كنحو هذه المسألة؛ إذ قد علم أن الحالف لم يرد أن يلازم دار القاضي ليلا ونهارا؛ إذ قد علم أنه لا بد له من مفارقته لما لا بد له من حاجة الإنسان والوضوء والصلاة فيحمل يمينه على أنه إنما أراد ألا يفارق دار القاضي في الأحايين التي يقضي فيها بين الناس وينتفع المحلوف له بموافاته إياه فيها، ومثل هذا أن يذكر رجل بقلة الجماع فيحلف إذا بلغه ذلك أنه لا ينزل عن بطن امرأته وما أشبه ذلك كثير، والأصل فيه قائم من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، قال عز وجل: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ١٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>