قال محمد بن رشد: وهذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأن الطلقة الواحدة، إذا لم يكن معها فداء، فهي رجعية، سواء وقعت بيمين أو بغير يمين.
ومن طلق امرأته واحدة في الحيضة أجبر على الرجعة بالسنة الثابتة في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، قيل: ما دامت في العدة، وهو المشهور في المذهب، وقيل: ما لم تطهر ثم تحيض ثم تطهر، وهو قول أشهب، ومن أهل العلم من يرى أنه لا يجبر على الرجعة إلا ما دامت الحيضة التي طلقها فيها والمسألة متكررة في آخر الرسم من سماع أشهب.
[مسألة: غاب عن امرأته فعرف موضعه أيضرب لامرأته أجل المفقود]
مسألة وسئل مالك عمن غاب عن امرأته، فعرف موضعه، أيضرب لامرأته أجل المفقود؟ قال: لا، ولكن يكتب إليه فيها، قيل له: فإن بعث إليها بنفقة وأقرها قال مالك: أما الحين فإني أرى ذلك له، وإن طال ذلك لم يكن له أن يبعث إليها بنفقة، ويحتبس عنها. قيل له: أفلذلك وقت؟ فقال: ما سمعت، ولكن إذا طال ذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن الغائب إذا عرف موضعه، فليس بمفقود فإن احتبس عن امرأته كتب إليه، إما أن يقدم عليها، وإما أن يحملها إليه، وإما أن يفارقها على ما جاء عن عمر بن عبد العزيز، وقع ذلك له في الإيلاء من المدونة، وفي رسم شهد من سماع عيسى من هذا الكتاب، فإن لم يفعل وطال الأمر طلق عليه؛ لأن ذلك من الإضرار بها.
وقد قال عز وجل:{وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١] ، ولم يحد هاهنا حدا في الطول. وقال في رسم شهد المذكور: إن السنتين والثلاث في ذلك قريب، وليس بطويل. وهذا إذا بعث إليها بنفقة، وأما إن لم يبعث إليها بنفقة ولا علم له، قال: فإنها تطلق عليه بعد الإعذار إليه والتلوم عليه، وأما إن علم أنه