للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يبيع عقاره وعروضه، واختلف إذا كان معدما، فلم ير ابن القاسم شهادته له جائزة، وإن كان الحكم يوجب تأخيره؛ لأنه اتهمه أن يكون إنما شهد له ليترك طلبه وتحليفه، وذلك بين من قوله في هذه الرواية؛ لأنهما يدفعان عن أنفسهما الطلب وما أشبه ذلك، ورأى أشهب شهادته له جائزة على ما مضى له في سماع زونان؛ لأن الحكم يوجب له التأخير، فلم يتهمه في أنه شهد له ليسقط عنه اليمين، ورأى ذلك خفيفا، لا يتهم العدل في مثله، فهذا تحصيل هذه المسألة عندي: وجه تجوز فيه شهادته باتفاق، ووجه لا تجوز فيه باتفاق، ووجه يختلف في جوازها فيه.

وقوله: وإن قالا في الوديعة والقراض قد ضاع ذلك، فأما الوديعة فأرى شهادتهما جائزة، ولا يستحلفهما، بين لا إشكال فيه؛ لأنه إذا لم يجب عليهما غرم ولا يمين فلا وجه لإسقاط شهادتهما، وقال: إنهما إن كان متهمين استحلفا، يريد وبطلت شهادتهما؛ إذ لا يتهم بجحد الودائع إلا من ليس بعدل، فإذا ادعى الذي عنده الوديعة أو القراض أنه ضاع منذ مدة لزمته اليمين عند ابن القاسم، وإن كان عدلا، ولم تجز شهادته؛ لأنه يتهم أن يكون إنما شهد ليسقط عنه اليمين، ولزمه الغرم عند أصبغ، قاله في سماعه، من كتاب الوديعة، وعليه يدل قوله هاهنا، وإن كان ذهابها قديما مما تدخل فيه التهمة والخصومة لم تجز شهادتهما؛ لأن وجه الخصومة في ذلك على مذهبه أن يكلف إقامة البينة على أنه قد سمع منه التشكي بتلفها، فإن لم يأت على ذلك ببينة لزمه الغرم، وإن كان التلف قريبا لم تلزمه يمين، وجازت شهادته، ويأتي على قياس رواية ابن نافع عن مالك في إيجاب اليمين عليه، وإن لم يتهم ألا تجوز شهادته، وأشهب يخفف أمر اليمين، فيرى شهادته جائزة، إلا في الموضع الذي يجب عليه فيه الضمان، وبالله التوفيق.

[: له عليه حق فيلزمه فيطلب من آخر أن يعطيه دنانيره ويشهد على ذلك]

ومن كتاب القضاء المحض قال أصبغ: سمعت ابن القاسم يقول في رجل له على

<<  <  ج: ص:  >  >>