لقول الله عز وجل:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[البقرة: ٢٣٧] ، فقول مالك في مراعاة الطول، قول وسط بين القولين، ويرجح ما في المدونة بالقول الأول، وما في هذه الرواية بالقول الثاني.
وأما قوله: إنه يكون له من كل ما اشترت نصفه، فقد مضى القول فيه في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم. وقوله: إنه لا يتبعها بما لبسته فأبلته صحيح لا اختلاف فيه؛ لأنها إنما لبسته بعد الدخول، وإنما يختلف فيما لبسته قبل الدخول مما نقدها، على ما مضى القول فيه في رسم شك في طوافه، من كتاب النكاح.
وقوله: فيما استنفقته إنه بمنزلة ما أفسدته أو أهلكته، معناه: أنها استنفقته فيما يخصها مما يلزم الزوج من نفقتها، وأما ما أنفقته على نفسها مما يلزم الزوج لها، فلا رجوع له عليها فيه، إذا فرق بينهما بقرب الدخول، بل لها الرجوع عليه بنصفه، وإنما لم ير الرجوع له عليها في الطيب الذي تطيبت به من صداقها، وإن كان الطيب لا يلزمه أن يقوم به لها من أجل أنها إنما تطيبت له، فهو المستمتع به معها، وبالله التوفيق.
[مسألة: طلقت فحاضت الحيضة الثالثة ألها أن تتزوج قبل أن تطهر منها]
مسألة وسئل عن المرأة طلقت فحاضت الحيضة الثالثة، ألها أن تتزوج قبل أن تطهر منها؟ قال: نعم ذلك لها، ولكن لا يعجل حتى يعلم أنها حيضة ويقيم أياما، فيعلم أنها حيضة.
قال محمد بن رشد: قوله ذلك، يدل على أن قوله: ولكن لا يعجل معناه على الاستحباب، إذ لو حمل على الوجوب لتناقض الكلام.
وقول أشهب في المدونة: غير أني أستحب ألا يعجل بالتزويج حتى يعلم أنها حيضة مستقيمة، بتماديها فيها، يأتي على روايته هذه عن مالك، وعلى أن الحيض الذي يكون حيضة تعتد بها المرأة في أقرائها في الطلاق، ويكون ذلك استبراء للأمة في البيع، فقد قيل فيه ثلاثة أيام، وهو قول محمد بن مسلمة. وقد