قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إن من حق المرأة أن تدخل على نفسها رجالا تشهدهم على نفسها بغير إذن زوجها، بما تريد أن تشهد به مما يجب عليها، أو يستحب لها؛ لأنها والرجل في ذلك سواء، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}[النساء: ١٣٥] ، وقال:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة: ٢٨٢] ، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما حق امرئ مسلم يكون له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة» وليس للزوج أن يمنع زوجته من شيء من ذلك، فإذا كان من حقها ذلك كان لها أن تفعله في مغيبه، والاختيار كما قال: أن لا تدخل الشهود على نفسها بغير محضر زوجها، إلا مع ذي محرم منها؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة، إلا مع ذي محرم منها» فإن لم يكن لها ذو محرم منها، قام أهل الصلاح والفضل في ذلك مقامهم، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهادة الصبيان فيما بينهم]
مسألة وسئل سحنون ما الذي يؤخذ به في شهادة الصبيان فيما بينهم، أتراها جائزة في الجراح والقتل، أم لا تجوز إلا في الجراحات وحدها؟ فقال: قد اختلف أصحابنا فيها بالروايات عن مالك، واختلف فيها آراؤهم، فمنهم من يقول: شهادتهم في الجراح