وعاب رواية يحيى هذه وعابها أيضا يحيى بن يحيى، ولو شهد على كل واحد من الجرحين شاهد واحد لكان الحكم في ذلك على ما اخترناه وصححناه في الوجهين المتقدمين أن يكون الأولياء مخيرين، فإن أقسموا مع الشاهد على جارح الخطأ استحقوا الدية على عاقلته ولم يكن لهم على جارح العمد شيء إذ لا يقتص باليمين مع الشاهد إلا المجروح وأما ورثته فلا وإن أقسموا على جارح العمد قتلوه بقسامتهم وحلفوا مع شاهدهم على الجرح الخطأ فاستحقوا أرشه لأنه مال من الأموال كدين ثبت للميت بشاهد واحد فيستحقونه مع أيمانهم مع شهادته.
[مسألة: يجرح الرجل عمدا فيصالحه ثم ينزى في جرحه فيموت]
مسألة قال: وسألته عن الرجل يجرح الرجل عمدا فيصالحه على شيء غرمه ثم ينزى في جرحه فيموت فيقول وليه: إنما كان صالحك في الجراح ولم يصالحك في دمه قال: أرى القود يجب لهم إن أقسموا إذا كان المقتول إنما صالحه بعد ثبوت الجرح عليه بإقرار أو بينة، ويرد عليه ما كان أخذ منه في الصلح، قال: وإن كان الجرح خطأ وكان قد صالحه فيما كان وجب عليه من عقل الجرح ثم نزي في جرحه فمات أقسموا لمات من ذلك الجرح وتمت لهم الدية على العاقلة ويرد على القاتل ما كان غرم بالصلح.
قال محمد بن رشد: ظاهر هذه الرواية أنه خير ولي المقتول في العمد بين التمسك بالصلح أو الرجوع إلى القود ورد ما أخذ بالصلح ولم يخيره في الخطأ إذ من حق القاتل أن يرد إليه ما أخذ منه في الصلح لأن الجرح قد آل إلى النفس ووجبت فيه الدية على العاقلة وهو ظاهر ما في المدونة،