للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك فوق هذا أنه بلغه، ويحتمل أن يكون ذلك مجازا على غير حقيقة واستعارة من فتنة تكون بالوادي المذكور واختلاف واختلاط يبلغ ضرره إلى أن يكون أيلة، فإن المجاز جائز استعماله، وقد جاء ذلك كثيرا في القرآن والسنن والأخبار، من ذلك قول الله عز وجل: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: ٤] والاشتعال لا يكون حقيقة إلا في النار، وقوله عز وجل: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: ٢٤] والذل لا جناح له حقيقة.

[إهلال عيسى ابن مريم بالحج]

في إهلال عيسى ابن مريم بالحج قال مالك: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليهلن ابن مريم بفج الروحا حاجا ومعتمرا، أو ليثنينهما، فقيل ما معنى ذلك؟ أيقرن أم يحج ويعتمر قال: بل يحج ويعتمر» .

قال محمد بن رشد: قد أعلم الله عز وجل في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن عيسى ابن مريم ما قتل ولا صلب وأن الله رفعه إليه، وأخبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إخبارا أوقع العلم به أنه سينزل في آخر الزمن حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وفي بعض: فيهلك الله في أيامه الملل كلها، فلا يبقى إلا الإسلام، وتقع الأمنة في الأرض، حتى يرعى الأسد الإبل، والنمور مع البقر، والذياب مع الغنم، والغلمان بالحيات، فلا يضر بعضهم بعضا، فهذه الأحاديث يعضد بعضها بعضا، ويشهد بصحة ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ في هذه الحكاية، وقد وقعت في رسم الحج من سماع أشهب من كتاب الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>