للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرية. وقال في مكة: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: ٢٤] ، وذلك إنَّما كان في القرية لا في موضع البيت.

[ما جاء من أن عبد المطلب حفر بئر زمزم]

فيما جاء من أنَّ عبد المطلب حفر بئر زمزم قال مالك: رأى عبد المطلب أنه يُقال له: احفر زمزم، لا تنزف ولا تهزم، بين فرث ودم، تروي الحجيج الأعظم، في موضع التراب الأعصم. قال: فحفره.

قال الِإمام القاضي: قد جاء في الصحيح: أن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما كان بينه وبين أهله ما كان خرج بابنه إسماعيل وأمه ومعهم شنة فيها ماء، حتى قدم مكة، فوضعها تحت دوحة فجعلت تشرب من الشنّة ويدرّ لبنها حتى لما فني الماء قالت: لو ذهبت فنظرت لعلّي أحس أحداً فصعدت على الصفا فنظرت فلم تر أَحداً ثم هبطت فلما صارت في الوادي، رفعت رأسها فسعت سعي الِإنسان المجهود، ثم صعدت على المروة، فلم تر أحداً، فعلت ذلك سبع مرات وابنها يلتوي من العطش، فلما كان في آخر ذلك، سمعت صوتاً فأصغتَ إليه فقال: قد سمعت أن كان عندك غواث، فإذا جبريل فقال بعقبه هكذا، فاندفق الماء فدهشت أم إسماعيل فجعلت تحفن، قال: فقال أبو القاسم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِراً» أي: لكانت زمزم عيناً معيناً، فيحتمل أن يكون بعد ذلك قد رفعت السيول فتلقاه الرمل والتراب حتى انطمس وعفا أثره، فكان من عبد المطلب في حفره ما ذكر في هذه الحكاية، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>