قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة في رسم "سلعة سماها " موفى فليس لإعادة ذلك معنى.
[مسألة: الإمام يقيم اليوم واليومين حتى يجتمع إليه حشمه ثم يسير أيقصر الصلاة]
مسألة وسئل مالك عن أمير المدينة وخرج على مسيرة ثلاثة أميال من المدينة وهو يريد الإقامة به حتى يتكامل ظهره فيه ويأتي أكرياؤه بإبلهم ويجتمع إليه حشمه، أترى أن يقصر الصلاة؟ قال لا؛ لأن هذا لم يخرج يريد المسير، وإنما خرج ليقيم حتى تتكامل له حوائجه، فلا يقصر إلا من أجمع على المسير.
قال محمد بن رشد: قال مالك في هذه المسألة إن الإمام يتم، وقال في رسم "صلى نهارا ثلاث ركعات " بعد هذا في الذي يخرج من الفسطاط إلى بير عميرة وهو يقيم ثم اليوم واليومين مثل ما يصنع الأكرياء حتى يجتمع الناس ويفرغوا إنه يقصر الصلاة.
والفرق عندي بين المسألتين أن الأمير إنما خرج ليقيم حتى يجمع حشمه ويأتي أكرياؤه قرب ذلك أو بعد، وحينئذ يسير، فوجب أن لا يقصر، إذ لم يعزم على المسير قبل أربعة أيام.
ولو خرج على أن يقيم اليوم واليومين حتى يجتمع إليه حشمه ويأتي أكرياؤه ثم يسير لوجب أن يقصر كما قال في مسألة جب عميرة، إذ قد عزم على أن يسير قبل أربعة أيام. وقد كان بعض الشيوخ يفرق بينهما بأن الأمير لما كان لا يمكنه السفر إلا مع حشمه وقد لا يجتمع إليه حشمه، وجب أن يتم، ولما كان الخارج إلى جب عميرة يمكنه السفر وإن لم يجتمع الناس وجب أن يقصر، وليس هذا بصحيح، إذ المنفرد لا يمكنه السفر أيضا. ومنهم من كان يحمل المسألتين على التعارض ويرى ذلك اختلافا من القول، ويقول الأمير كان أحق بالقصر من المسافر لأنه قادر على أن يجبر حشمه على الخروج معه، ولا يقدر المسافر على إخراج الناس معه، وليس ذلك أيضا بصحيح، إذ المعنى إنما