قال محمد بن رشد: هذا ما لا اختلاف فيه أن الحيضة إذا انقطعت ولم يكن بين الدمين من الأيام ما يكون طهرا فاصلا، فإنها تلفق أيام الدم وتعد اليوم الذي رأت فيه الدم من أيام الدم، وإن لم تره إلا ساعة أو لمعة، وإنما اختلف هل تلفق أيام الطهر، فالمشهور أنها تلغيها ولا تلفقها، وقد قيل: إنها تلفقها إن كانت مثل أيام الحيض أو أكثر منها، فتكون في أيام الدم حائضا، وفي أيام الطهر طاهرا أبدا، وهو قول محمد بن مسلمة.
وإن انقطع عنها وقد بقي من النهار قدر خمس ركعات قبل غروب الشمس أو أكثر صلت الظهر والعصر، وإن كان لم يبق من النهار إلا أربع ركعات فأقل صلت العصر، وسقطت عنها صلاة الظهر، واختلف إذا انقطع عنها لمقدار أربع ركعات من الليل قبل طلوع الفجر، فقيل: إنه يجب عليها صلاة المغرب والعشاء، وهو مذهب ابن القاسم، وقيل: إنه لا يجب عليها إلا صلاة العشاء الآخرة، وهو مذهب ابن الماجشون، وأما قوله: فإنها تعيدها، فإنه تجاوز في اللفظ؛ لأن حقيقة الإعادة إنما هو لما قد فعل، وهي لم تصلها بعد، وقد جاء مثل هذا في القرآن، قال الله عز وجل:{كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}[السجدة: ٢٠] ، وقال الشاعر، وهو النابغة الجعدي:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
[مسألة: المرأة ترى الدم عند وضوئها]
مسألة قال ابن القاسم: سألت مالكا عن المرأة ترى الدم عند وضوئها، فقال مالك: تشد وتصلي، وليس عليها غسل، ولا تترك الصلاة كما تصنع المستحاضة في أول ما يصيبها.