منزله بثلاثين دينارا فلما كان من الغد جاء الرجل يكتاله له فاشترى منه مائة أخرى بخمسين دينارا أو جاء رجل أجنبي غيره فاشترى منه مائة إردب بخمسين قبل أن يكتال الأول فلم يجد في البيت إلا أقل من مائتين، قال: الأول أولى ثم الآخر بعد إنما يقع النقصان عليه، ولا يتحاصان في النقصان.
قال محمد بن رشد: قد قيل إنهما يتحاصان في النقصان على قدر ما اشتريا، وهو قول بعيد، ووجه ذلك أنه لما كان الطعام في ضمان البائع إن تلف أشبه الديون الثابتة في الذمة في أن التحاص يجب فيها ولا يبدأ الأول منهما على الآخر، والقول الأول أظهر لأنه طعام مشترى بعينه، وقد وجبت للأول المكيلة التي اشترى، فوجب أن يكون أحق بها من الآخر ولا يتحاصان في النقصان.
مسألة وسئل عن رجل اشترى من رجل صبرة من طعام وواجبه البيع فذهب الرجل يأتيه بالثمن فأصيبت الثمرة بنار فاحترقت، قال: المصيبة من المشتري.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه إذا كانت الصبرة في غير ملك البائع مثل الرحاب التي توضع الأطعمة فيها للبيع وتلفت بعد إمكان القبض فيها، وأما إن تلفت قبل إمكان القبض فيها فيدخل في ذلك من الاختلاف ما يدخل في المكيال يسقط من يد المشتري بعد أن امتلأ وقبل أن يفرغه في إناثه، وقد مضى القول على ذلك في رسم نقدها من سماع عيسى. وأما إن كانت الصبرة المشتراة في دار البائع أو حانوته فيدخل في ذلك من الاختلاف ما يدخل في السلعة المبيعة إذا تلفت في يد البائع قبل أن يقبضها المبتاع وإن طال الأمر، وقد مضى ذكر ذلك في غير ما موضع من ذلك نوازل سحنون الثانية.