ومن كتاب البيوع العاشر. قال أصبغ وسمعت ابن القاسم يقول فيمن يسلف في قراطيس طولها عشرون ذراعا، فلما حل الأجل قال المشتري إنما لي بذارعي، وقال البائع بل بذراعي ولم يكونا سميا؛ قال لا ينظر إلى قول هذا ولا هذا، وأرى أن يحمل على ذراع وسط؛ قال ونزلت فأفتينا فيها بذلك، قال أصبغ ولم ير هذا فسخا، وهذا أحسن عندي، والقياس الفسخ.
قال محمد بن رشد: في قوله ولم يكونا سميا، دليل على أنهما لو اتفقا على أن السلم وقع بينهما على ذراع أحدهما بعينه لجاز؛ وهو مذهبه في المدونة؛ لأنه أجاز السلم على ذراع رجل بعينه؛ ويؤخذ قياسه، فيكون عندهم لئلا يموت؛ خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب من أنه لا يجوز السلم على ذراع رجل بعينه، قال ويكفي أن يسميا الذراع فقط؛ فإن اختلفا فيه عند القبض كان له الوسط من أذرع الناس؛ هذا إذا لم يكن القاضي قد جعل ذراعا للناس يتبايعون عليه، فإن كان قد نصب ذراعا للناس يتبايعون عليه، وجب الحكم به والرجوع إليه عند الإبهام.
وتحصيل القول في هذه المسألة عندي أن القاضي إذا كان قد نصب للناس ذراعا يتبايعون عليه، لم يجز اشتراط ذراع رجل بعينه، كما لا يجوز ترك المكيال المعروف الجاري إلى مكيال مجهول؛ وإن لم يكن للناس ذراع منصوب، فهذا موضع الاختلاف، قيل إن الذراع الوسط كالذراع المنصوب فلا يجوز السلم على ذراع رجل بعينه، وإنما يجوز على الذراع الوسط، أو على ذراع ولم يسميا شيئا فيحكم بينهما بذراع وسط وهذا الذي ذهب إليه ابن حبيب. وقيل إنه لا يكون الذراع الوسط كالذراع المنصوب، ويجوز السلم على ذراع رجل بعينه، وعلى ذراع وسط، كما يجوز شراء الطعام على مكيال مجهول في القرى من الأعراب حيث ليس