أمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن. وقد رأى عمر بن الخطاب أمة لابنه عبيد الله قد تهيأت بهيئة الحرائر، فدخل على حفصة ابنته فقال لها: ألم أر لأخيك جارية تجوس بين الناس وقد تهيأت بهيئة الحرائر وأنكر ذلك.
قال عبد الملك في الواضحة: وما رأيت أمة بالمدينة تخرج وان كانت رائعة إلا وهي مكشوفة الرأس في ضفائرها أو في شعر مجسم لا تلقي على رأسها جلبابا لتعرف الأمة من الحرة، إلا أن ذلك لا ينبغي اليوم لعموم الفساد في أكثر الناس، فلو خرجت اليوم جارية رائعة مكشوفة الرأس في الأزقة والأسواق لوجب على الإمام أن يمنع من ذلك، وتلزم الإماء من الهيئة في لباسهن ما يعرفن به من الحرائر، وتضرب إن خرجت مجردة. قاله مالك في رسم الأقضية من سماع أشهب من كتاب النكاح، يريد بمجردة مكشوفة الظهر والبطن. وأما خروجها مكشوفة الرأس فهو سنتها على ما تقدم، وبالله التوفيق لا شريك له.
[شرب الماء الذي يسقاه الناس في المساجد والأسواق]
في شرب الماء الذي يسقاه الناس في المساجد والأسواق وسئل مالك عن الماء الذي يسقي الناس في المساجد والأسواق أترى للأغنياء أن يجتنبوا شربه؟ قال: لا، ولكن يشربون أحب إلي، إنما جعل للعطشان. ولقد كان سعيد بن عبادة اتخذ سقاية يسقي فيها الناس، فقيل له: أفي المسجد؟ فقال: لا ولكن في منزله.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين، لأن قصد ساقيه به معلوم، لأنه يوجد في الغني كما يوجد في الفقير لاستوائهما في الحاجة إلى شربه،