ومن كتاب أوله أخذ يشرب خمرا وسئل مالك: عن سهم المؤلفة، أترى أن يقسم على سهمان الصدقة؟
قال محمد بن رشد: يريد بالاجتهاد لا بالسواء، وإن رأى أن يجعله في صنف واحد، كان ذلك له، إذ الزكاة على مذهبه إنما توضع في الأصناف المذكورين في الآية - بالاجتهاد، ويتبع في ذلك الحاجة في كل عام، ولا يقسم بينهم أثمان على السواء؛ هذا مذهبه الذي لم يختلف فيه قوله، ولا خالفه فيه أحد من أصحابه، وقيل: يجعل نصف ذلك السهم لعمار المساجد، ونصفه على سائر الأصناف السبعة.
والمؤلفة قلوبهم قوم من صناديد مضر، كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعطيهم من الزكاة يتألفهم على الإسلام - ليسلم بإسلامهم من وراءهم، منهم: أبو سفيان بن حرب، واختلف في الوقت الذي بدئ فيه بائتلافهم، فقيل: قبل أن يسلموا لكي يسلموا، وقيل: بعدما أسلموا كي يحبب إليهم الإيمان، فكانوا على ذلك إلى صدر من خلافة أبي بكر، وقيل: إلى صدر من خلافة عمر، ثم قال لأبي سفيان: قد أعز الله الإسلام، وأغنى عنك وعن ضربائك، إنما أنت رجل من المسلمين. وقطع ذلك عنهم؛ واختلف هل يعود ذلك السهم إن احتيج إليه، أم لا يعود؛ فرأى مالك أنه لا يعود، وهو مذهب أهل الكوفة، وقد قيل: إنه يعود إن احتيج إليه، ورأى ذلك الإمام، وهو قول ابن شهاب، وعمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب الشافعي.