سأله ذلك فقام فأذن فبكى الناس وذكروا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبكوا لذلك.
قال محمد بن رشد: قد روي أنه أذن لأبي بكر حياته، ذكر ابن عبد البر في كتاب الصحابة أن ابن شيبة ذكر عن حسين بن علي، عن شيخ يقال له الحفصي عن أبيه عن جده قال: أذن بلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أذن لأبي بكر حياته، ولم يؤذن في زمن عمر، فقال له عمر: ما منعك أن تؤذن؟ قال: إني أذنت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى قبض، وأذنت لأبي بكر حتى قبض لأنه كان ولي نعمتي، وقد سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله، فخرج فجاهد» ويقال إنه أذن لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذ دخل الشام مرة فبكى عمر وغيره من المسلمين، وبالله التوفيق.
[ما يسود الرجل به قومه]
فيما يسود الرجل به قومه قال: وقال مالك: بلغني أن معاوية بن أبي سفيان قال للأحنف بن قيس: بم شرفت قومك وأنت لست بأشرفهم ولا بأسنهم ولا بأيسرهم؟ فقال: إني لا أتناول ما كفيت، ولا أضيع ما وليت، فقيل له أو قال: لو وجدت الناس كرهوا شرب الماء ما شربته فقال: قد سمعت وليس هذه تشبه هاتين.
قال محمد بن رشد: قوله: لا أتناول ما كفيت هو من معنى قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» وقوله ولا أضيع ما وليت هو من معنى قول الله عز وجل: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا}[الإسراء: ٣٤]