وهو يقول: ما أدركت الناس إلا ولهم ثوبان، برنس يغدو به، وخميصة يروح بها، ولقد رأيت ناسا يلبسون البرانس، فقيل له: ما كان ألوانها؟ قال: صفر.
قال محمد بن رشد: البرانس ثياب متان في شكل الغفائر عندنا، مفتوحة من أمام، تلبس على الثياب في البرد والمطر مكان الرداء، فلا تجوز الصلاة فيها وحدها إلا أن يكون تحتها قميص أو إزار وسراويل؛ لأن العورة تبدو من أمامه. وهذا في البرانس العربية، وأما البرانس الأعجمية فلا خير في لباسها في الصلاة ولا في غير الصلاة؛ لأنها من زي العجم وشكلهم. أما الخمائص فهي أكسية من صوف رقاق معلمة وغير معلمة يلتحف بها، كانت من لباس الأشراف في أرض العرب، فقوله: برنس يغدو به، يريد يلبسه على ما تحته من الثياب، وخميصة يروح بها، يعني يلتحفها على ما عليه من الثياب، والله أعلم، وبه التوفيق.
[مسألة: الرجل يقوم عند المنبر وهو يدعو ويرفع يديه]
مسألة قال مالك: بلغني أن أبا سلمة رأى رجلا قائما عند المنبر، وهو يدعو ويرفع يديه، فأنكر عليه وقال: لا تقلصوا تقليص اليهود. فقيل له: ما أراد بالتقليص؟ قال: رفع الصوت بالدعاء ورفع اليدين.
قال محمد بن رشد: إنما كره رفع الصوت بالدعاء؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ارفقوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا» ، وقد روي أن قول الله عز وجل:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا}[الإسراء: ١١٠] نزلت في الدعاء. وأما رفع اليدين عند الدعاء، فإنما أنكر الكثير منه مع رفع الصوت؛ لأنه