لم يجز له أن يشتري منه طعاما على أن يقضيه إياه إلا بمثل الثمن الذي أسلم إليه فيه نقدا لا أقل ولا أكثر، قاله في رسم إن أمكنتني من سماع عيسى، وقد مضى بيان هذا كله في التكلم على أول مسألة من هذا السماع.
[مسألة: ذبح شاة ثم سلخها ثم دعا إليها الجزار فقال أسلفك لحم هذه الجزرة وزنا]
مسألة قال ابن القاسم: وسمعت مالكا، قال: من ذبح شاة ثم سلخها، ثم دعا إليها الجزار فقال: خذ مني هذه الجزرة، أسلفك لحمها وزنا على أن تعطيني في كل يوم رطلين أو أقل أو أكثر من ذلك، قال مالك: ما أحب ذلك؛ لأني أراه قد أخذ منه في سلفه زيادة لو أقام اللحم عنده صار يابسا، فأسلفه من ضمنه له غريضا مقطعا، ولو وقع هذا على غير صنعة، لم أر بذلك بأسا. فأما ما يصنعان لذلك وإن لم يشترطه أحدهما فلا أحبه.
قال محمد بن رشد: وقوله ولو وقع هذا على غير صنعة لم أر بذلك بأسا، معناه: ولو فعل ذلك رفقا بالجزار لا لمنفعة يبتغيها لنفسه، ولعله لو باع الجزرة جملة، لأخذ فيها من الثمن ما يشتري به من اللحم المقطع أكثر من زنتها، جاز ولم يكن به بأس. وقد روى ابن أبي جعفر عن أشهب أنه قال: إن كان الجزار هو الذي جاءه فاستسلفه فلا بأس به، ظاهره: وإن كانت له في ذلك منفعة، ومعناه: إذا علم الله من قلبه أنه أسلفه إياها لما رأى من حاجة الجزار إلى ذلك، وأنه كان يفعل ذلك لو سأله ذلك ولا منفعة له فيه، وهذا ما لا ينبغي أن يختلف فيه، إذ لا يقدر على أن يسلفه