للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يؤم جالسا بالأصحاء قياما. وقد تعارضت الآثار في ذلك، فجاء في بعضها ما دل على «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لما خرج في مرضه وأبو بكر يصلي بالناس، فتأخر أبو بكر عن الإمامة وتقدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصلى بالناس بقية صلاتهم وهو جالس، والقوم خلفه قياما» . وجاء في بعضها ما دل على أن أبا بكر لم يتأخر عن الإمامة وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما صلى مؤتما بأبي بكر. فمن الناس من صحح ما دل منها أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كان الإمام. ومعنى ذلك أنه أحرم خلفه، ثم أتم بالناس بقية صلاتهم، وصار أبو بكر مؤتما به فيها، إذ لا يصح أن يحرم بعد أن خرج أبو بكر عن الإمامة؛ لأنه لا يكون قد أحرم قبل بالناس، ولا يصح أن يحرم الإمام قبل القوم، ورأى ذلك شرعا شرعه لأمته، ولم ينسخه عنهم، ولا اختص به دونهم، فأجاز إمامة المريض جالسا، بالأصحاء قياما. وهي رواية الوليد بن مسلم عن مالك. ومنهم من صحح منها ما دل أيضا أنه كان الإمام، إلا أنه رأى ذلك من خواصه، فلم يجز لأحد بعده إذا كان مريضا أن يؤم بالأصحاء قياسا. وهو المشهور من قول مالك وقول أصحابه. ومنهم من ذهب إلى أن ذلك كان منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صلاتين، فكان في الصلاة الأولى هو الإمام، وائتم في الثانية بأبي بكر، فكان فعله في الصلاة الثانية ناسخا لفعله في الصلاة الأولى، والتأويلان قائمان لمالك في رواية ابن القاسم عنه في رسم سن من سماعه من كتاب الصلاة. وعلى هذا التأويل تتخلص الآثار من التعارض، فهو أولاها بالصواب. وقد زدنا هذه المسألة بيانا في رسم سن المذكور من هذا السماع، من كتاب الصلاة. وبالله تعالى التوفيق.

[القنوت في الصلاة]

في القنوت في الصلاة قال: وما يعجبني القنوت إلا في الصبح، ولا أرى القنوت في آخر رمضان ولا في أوله.

قال محمد بن رشد: قوله: ما يعجبني القنوت إلا في الصبح يدل

<<  <  ج: ص:  >  >>