في التحليل من المظالم قال: وكان سعيد بن المسيب لم يكن يحلل أحدا ركبه بمظلمة ولا جحده مالا ويقول: دعه، ميعاد ما بيني وبينه الآخرة. وكان القاسم ابن محمد بن أبي بكر لا يركب أحد منه شيئا إلا حلله، وربما قام عليه الرجل في شيء يريد مخاصمته فيه فيقول له: خذ، فإن يكن لي فأنت منه في حل، وإن يكن لك فحقك أخذت.
قال محمد بن رشد: قد مضى الكلام على هذا مستوفى في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق.
[ثناء ابن هرمز على مالك]
في ثناء ابن هرمز على مالك، وابن أبي سلمة قال: وكان ابن دينار يختلف إلى ابن هرمز، وكان غلاما، فكان مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة يسألانه فيجيبهما، وربما سأله ابن دينار فلا يجيبه. فوجد في نفسه لذلك، فتصدى له يوما في طريقه إلى المسجد، فلما مر به أخذ بلجام حماره وقال: يا أبا بكر: تجوز لنفسك أن تجيب مالكا وابن أبي سلمة فيما يسألانك، فإذا سألتك لم تجبني. فقال له: يا ابن أخي أو قد كان ذلك؟ فقال له: نعم، فقال له ابن هرمز: إني رجل كبير، وأنا أخاف أن يكون نقص من علمي مثل الذي نقص من بدني، وهما عالمان، فإن أنا أخبرتهما بشيء عرفا ما يحملان، وإن يكن حسنا ذكراه.
قال محمد بن رشد: في هذا أنه لا يلزم العالم أن يجيب الناس في كل ما يسألونه عنه. وقد كتب إلى بعض الفقهاء يسأل عن كفتي الميزان مم هي؟ فكتب إليه، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حسن إسلام