القاسم في الجواب ومخالف له في العلة، لأنه جعل العلة في ذلك أن النهر موات فمن أنشأ فيه رحى كان كمن أحيا مواتا من الأرض إن تركه حتى عاد إلى حالته الأولى كان لمن أحياه بعده، فجعل تركه إياه يبني رحى في موضع يبطل به رحاه بمنزلة تركه إياه رحاه حتى تبطل، إذ لو ترك رحاه حتى تبطل وتذهب ويعود الموضع إلى حاله قبل أن يبني فيه الرحى لكان لغيره أن يبني في ذلك الموضع بعينه رحى، فكيف فيما قرب منه؟ وهذا إنما يصح فيمن بنى على النهر رحى في موضع لا حق له فيه وإنما هو لجماعة المسلمين، وبالله التوفيق.
[مسألة: لا يؤخذ أحد بأكثر مما يقر به على نفسه]
مسألة قال: وسمعته يقول: إذا كانت أرض لرجل على أرض رجل وللأسفل موضع رحى في أرضه ليس له موضع ساقية، فيقول لجاره الأعلى: ائذن لي أشق بالنهر في أرضك فأمر الساقية فيها إلى رحائي، فيأذن له وتطحن الرحى، فيريد صاحب الأرض العليا أن يؤخر الساقية عن أرضه فيقول رب الرحى: قد أنفقت النفقات حتى طحنت رحائي، فلما استقامت أردت أن تبطلها علي، فقال: ينظر في ذلك، فإن كان قد وهبها له لم يكن ذلك له، وإن كان إنما أذن له فيها ولا يعرف أهبة أم شراء أم صدقة أحلف رب الأرض [بالله] لما تصدق عليه ولا وهب ولا كان ذلك الإذن منه إلا عارية، فإذا حلف نظر، فإن كان مضى لذلك من الأجل ما يرى أن مثل تلك العارية تكون إلى مثله في مثل ما اعتمره عاملها أخرج له صاحب الرحى وأعطاه رب الأرض قيمة ما أنشأ على