على أن الذبح بالسن وكذا العظم خاص، والخاص يقضي على العام فيحمل على البيان له والتخصيص لما قابله منه، إلا أنه لما احتمل أن يريد النبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بنهيه في حديث رافع بن خديج عن الذبح بالسن والظفر - السن والظفر المنزوعين - وأن يريد بهما المركبين لم يصح أن يخصص من ذلك إلا ما يتحقق أنه أراده منهما وهما المركبان؛ لأنه إذا كان أراد بذلك المنزوعين فقد أراد المركبين لأنهما أولى بالنهي من المنزوعين وإن كان أراد المركبين فلم يرد المنزوعين فتحققنا بهذا أنه أراد المركبين لا محالة وشككنا في المنزوعين، فوجب أن لا يخص من اللفظ العام إلا ما يتحققه لا ما يشك فيه فخصصا منه المركبين وبقي المنزوعان على أصل الإباحة بالأمر العام وهذا أبين.
[مسألة: أكل ما مات أو سكر من الحيتان بالسيكران]
مسألة فقيل له: إن عندنا بالأندلس أنهارا وبركا ماؤها يكثر ثم يقل فتبقى فيها الحيتان لا مخلص له، فيعمد إلى شجرة يقال لها السيكران فنطرحها في ذلك النهر فتأكلها الحيتان فتموت ومنها ما يسكر فنأخذها بالأيدي، أيؤكل ما مات من ذلك وما سكر؟ قال: لا بأس بذلك، ثم قال: لعل من أكل منها يسكر؟ فقيل له: لا، فقال: لا بأس بذلك وفيها أيضا من يموت بغير شيء فلا بأس بأكله.
قال محمد بن أحمد: إجازته في هذه الرواية لأكل ما مات أو سكر من الحيتان بالسيكران يبين أن كراهيته لذلك في رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم إنما هو للخوف على من يأكلها لا من أجل أن ذلك يؤثر في ذكاتها إذ لا يحتاج إلى ذكاته وقد ذكرنا هذا هنالك.
[مسألة: إذا كان الشتاء قلة اللحوم فلا يكاد يوجد إلا في مجزرة يهودي أفيشترى منه]
مسألة وسئل مالك فقيل له: إن بالأندلس إذا كان الشتاء قلة اللحوم