في الصيام قبل الاستسقاء وسئل مالك: عن الصيام قبل الاستسقاء مما يعمل به، فقال: ما سمعت إنكاراً على من عمله.
قال الإمام القاضي: الصيام قبل الاستسقاء مما لم يأت به أثر عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ولا عن الخلفاء الراشدين المهديين بعده، وإذا هو أمر أحدثه بعض الأمراء استحسنه كثير من العلماء، فعله موسى بن نصير بإفريقية، حين رجع من الأندلس فاستحسنه الخزامي وغيره من علماء المدينة.
وإلى هذا ذهب ابن حبيب فقال: استحب للِإمام أن يأمر الناس قبل بروزه للمصلى بهم أن يصبحوا صياماً يومهم ذلك. ولو أمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام، آخرها اليوم الذي فيه يبرزون - كان أحب إلي.
والمعلوم من مذهب مالك إنكارُ هذه الأمور المحدثات كلها، من ذلك أنه كره في سماع ابن القاسم القراءة في المسجد والاجتماع يوم عرفة بعد العصر في المساجد للدعاء والدعاء عند خاتمة القرآن. فيحتمل ما في هذه الرواية من قوله: ما سمعت إنكاراً على مَن عمله، أن يكون انتهى كلامه -أي: مالك - إلى قوله: ما سمعت، أي: ما سمعت أن ذلك يفعل، ويكون إنكاراً على من عمله من قول ابن القاسم. أخبر أن مالكاً أراد بقوله: ما سمعت الِإنكار على، فيكون ذلك مطابقاً لمذهب ابن القاسم، ويحتمل أن يكون الكلام كله من قول مالك فيقتضي جواز ذلك عنده إذ قد نفى أن يكون سمع الإِنكار على من عمله. والأول من التأويلين أولى. واللَّه أعلم.
وقد مضى هذا كله في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم من كتاب