على ما قيل من أن القراءة التي تنسب إلى ابن مسعود إنها قراءة كان يقرئها على وجه التفسير لأصحابه لا على أنها قرآن. وقد قيل إنها قراءة لم تثبت، إذ إنما نقلت نقل آحاد، ونقل الآحاد غير مقطوع به، والقرآن إنما يؤخذ بالنقل المقطوع به، وهو النقل الذي ينقله الكافة عن الكافة، فما لم يقطع عليه أنه قرآن لمخالفته مصحف عثمان المجتمع عليه لا تباح قراءته على أنه قرآن، إذ حكمه حكم ما يروى عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأحاديث والأخبار، فلا تجوز الصلاة به. وكذلك قال في المدونة: إن من صلى خلف من يقرأ بقراءة ابن مسعود أعاد في الوقت وبعده، وإن علم وهو في الصلاة قطع وخرج. فيجب على الإمام أن يمنع منه ويضرب عليه ولا يبيح قراءة سوى ما ثبت بين اللوحين في مصحف عثمان، على ما وقع في أول سماع عيسى من كتاب السلطان، وبالله التوفيق.
[الأعمال لا تصح إلا بالنيات]
في أن الأعمال لا تصح إلا بالنيات قال مالك: أخبرني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن الحارث التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر بن الخطاب أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» .
قال محمد بن رشد: قد مضى هذا الحديث والكلام عليه في رسم