الجمعة لا يكون إلا متصلا بالرواح، لقول النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل» . - فشرط الغسل بالإتيان إلى الجمعة. ومن طريق المعنى أن الغسل إنما شرع في الجمعة للتنظف لها، وإزالة التفل والرائحة التي تكون من العرق، فيتأذى بذلك الناس؛ فإذا اغتسل أول النهار ذهب المعنى الذي كان لأجله الغسل، لا سيما في شدة الحر، وقد روى أبو قرة عن مالك أن غسل الجمعة يجزئ في الفجر وهو شذوذ في المذهب.
[مسألة: إشارة الرجل في الصلاة ببلى ونعم]
مسألة قال ابن وهب لا بأس أن يشير الرجل في الصلاة ببلى، ونعم.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة، والأصل في جواز ذلك ما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج إلى قباء فسمعت به الأنصار؟ فجاءوا يسلمون عليه - وهو يصلي، فرد عليهم إشارة بيده» . فكأن مالكا لا يرى بأسا أن يرد الرجل إلى الرجل جوابا بالإشارة في الصلاة، وأن يرد إشارة على من سلم عليه ولم يكن يكره شيئا من ذلك؛ وقد روى عنه زياد أنه كره أن يسلم على المصلي، وأن يرد المصلي على من سلم عليه - إشارة بيد، أو برأس، أو بشيء، والحجة لهذه الرواية ما روي في «أن ابن مسعود سلم على النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وهو يصلي، فلم يرد عليه» . والأظهر من