معناه إلا أن ينوي به الإسلام وهو يعتقده بقلبه قبل أن يظهره بلسانه؛ لأنه إذا اعتقده بقلبه فهو مسلم عند الله حقيقة، إلا أنا لا نحكم له بحكم الإسلام حتى يظهره إلينا بلسانه، ويستهل به على نفسه. فقوله: وهو يريد أن يسلم، معناه: وهو يريد أن يظهره بلسانه، ويستهل على نفسه بالإسلام الذي اعتقده بقلبه، لتجري عليه في الدنيا أحكامه.
ولو اخترمته المنية قبل أن يلفظ بكلمة التوحيد بعد أن اعتقدها، لكان عند الله مؤمنا، ألا ترى أن الأبكم الذي لا يتكلم يصح إيمانه؛ لأنه من أفعال القلوب، وإنما يجب على الكافر الغسل إذا أسلم إذا كان قد جامع في حال كفره أو أجنب، قاله ابن القاسم في سماع سحنون من كتاب الصلاة، وهو مفسر لجميع الروايات، فإذا اغتسل نوى باغتساله الجنابة، فإن لم ينو الجنابة، واغتسل للإسلام أجزأه؛ لأنه أراد الطهر من كل ما كان فيه، وقد روى ابن وهب، عن مالك: أنه لا غسل على من أسلم، وهو بعيد في النظر؛ لأنه لو لم يكن عليه الغسل للجنابة التي كانت منه في حال الكفر لوجب أن لا يكون عليه الوضوء للحدث الذي كان منه في حال الكفر، ولكان له إذا أسلم أن يصلي بغير وضوء، إلا أن يحدث بعد إسلامه، وهذا ما لا يقوله أحد.
[مسألة: الرجل إذا أسلم وهو نصراني هل عليه غسل ثيابه]
مسألة قال زياد بن عبد الرحمن في الرجل إذا أسلم وهو نصراني: إنه لا يغسل من ثيابه إلا ما يعلم فيها نجاسة.
قال محمد بن رشد: وفي رسم "الصلاة" من سماع أشهب، من كتاب الصلاة: أنه لا يصلي فيها حتى يغسلها، يريد وإن لم يعلم فيها نجاسة، من أجل عرقه الذي لا تنفك منه ثيابه، خلاف قول زياد إذ لم يلتفت إلى ذلك في ظاهر قوله، فالاختلاف في هذا راجع إلى الاختلاف في نجاسة عرقه. وقد مضى القول في ذلك في رسم "الوضوء والجهاد" من سماع أشهب.