قال محمد بن أحمد: ظاهر قول عيسى ابن مريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أن شرعه مخالف لشرع موسى، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، قبله في إباحة الحلف بالله على الصدق ومخالف لشرعنا أيضا لأن الله تعالى أمر نبيه، - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالحلف باسمه تعالى في غير ما آية من كتابه، فقال:{قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ}[يونس: ٥٣] ، وقال:{قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}[سبأ: ٣] ، وقال:{قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}[التغابن: ٧] . «وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كثيرا ما يحلف: لا والذي نفسي بيده» ، «ولا ومقلب القلوب» ، ولا وجه لكراهة ذلك لأن القصد إلى الحلف بالشيء تعظيم له، فلا شك أن في ذكر الله تعالى على وجه التعظيم له أجر عظيم، ويحتمل أن يكون عيسى ابن مريم، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، إنما كره لهم اليمين بالله صادقين مخافة أن يكثر فيهم فيكون ذريعة إلى حلفهم بالله على ما لم يقولوه يقينا أو يواقعوا الحنث كثيرا ويقصروا في الكفارة فيواقعوا الإثم من أجل ذلك لا من أجل اليمين، وبالله التوفيق.
[مسألة: نذرت لتسيرن إلى مسجد الرسول فماتت قبل أن تقضي ذلك]
مسألة وسئل عن امرأة نذرت لتسيرن إلى مسجد الرسول فماتت قبل أن تقضي ذلك هل يقضي ذلك عنها أحد؟ قال: لا يصلي أحد عن أحد، قيل له: ما ترى؟ قال: ما مسيرة ذلك إلى المدينة؟ قال: خمس ليال، قال: فأرى أن تتصدقوا عنها وما زادوا في الصدقة فهو خير، قالوا له: فكم؟ فقال: إني أريد أن أقدر كراها وزادها مقبلة ومدبرة، ولقدومها مثله فيتصدق بذلك عنها.
قال محمد بن أحمد: ولا يلزم ورثها ذلك إلا أن توصي بذلك، أو بأن يقضى عنها الواجب عليها في نذرها، وكذلك لو كان نذرها بالمشي إلى مكة