قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قاله: إن القسمة لا تكون إلَّا على ما انتهى إليه حظه بالمواريث والأشرية، وإن كان ذلك شيئاً بعد شيء، إذْ لا يصح أن يقسم له بعض حقه ويبقى شريكاً ببعضه إلا مع اتفاقهما على ذلك، وذلك بيّن إذا كانت الدراهم تنقسم على ما انتهى إليه حقه فيها وقد كانت تقسم على ماله فيها ولا يشبه أن يكون من حقه أن يقسم له حقه الأول منها إذا كان الزائد بميراث؛ لأنه يقول: قد وجب لي القسمة فليس الميراثُ الذي وجب لي بالذي يُسقط حقي في القسمة وألا يكون ذلك من حقه إذا كان بشراء أو هبة بعدها.
وأما قوله: إنه لا يجمع حظ اثنين في القسم فهو قوله في المدونة، ومعناه إذا لم يكونوا أهل سهم واحد مثل الزوجات والبنات والجدات والأخوات والإِخوة للأم؛ لأن أهل السهم الواحد يجمع حظهم في القسمة، وأما غير أهل السهم الواحد لا يجمع حظهم في القسم يريد بالسهمة؛ لأنه غرر، وأما في القسم على المراضاة بغير سهمه فذلك جائز وبالله التوفيق.
[: ورثوا أرضين مفترقة فأراد بعضهم أن يجعل نصيبه في موضع وأبى الآخرون]
ومن كتاب يسلف في
المتاع والحيوان المضمون سئل مالك عن قوم ورثوا أرضين مفترقة فأراد بعضهم أن يجعل نصيبه في موضع وأبى الآخرون أن يفعلوا ذلك، وقالوا: نقطع نصيبك من كل أرض، قال مالك: إن كانت الأرضون متقاربة، وكانت كلها بنضح أو بعين كلها، رأيت أن يجمع له نصيبه في موضع واحد، وإن كانت متباعدة بعضها من بعض في مثل قرى مختلفة رأيت أن يُعْطى نصيبَه من كل أرض، ومعنى قوله أن يجمع ما يسقى