وأحب إلي فيما لا يملكه منهم، من خصيان زوجها وغيرهم ممن بلغوا الحلم، ألا يرى شعرها ولا شيئا من زينتها إلا وجهها، وأما ما يملك فلا بأس به.
قال محمد بن رشد: استخف أمر خصيان زوجها للمشقة الداخلة عليها في الاحتجاب منهم مع كثرة ترددهم وتطوافهم، وقول ابن القاسم أقيس، وقد مضى من القول في هذه المسألة في رسم شك في طوافه ما يبين معناها، وبالله التوفيق.
[مسألة: رجل خطب امرأة وشرط لها في نكاحها ألا يتزوج عليها وأن لا يتسرى]
مسألة وسئل مالك عن رجل خطب امرأة وشرط لها في نكاحها ألا يتزوج عليها وأن لا يتسرى، فإن فعل فهي طالق، وأحضر لذلك شهودا ثم تفرقوا، وترك ذلك وقد شهد الشهود على إقراره وكتبوا بذلك كتابا وقبضت المرأة الكتاب، ثم خطبها بعد ذلك فتزوجها وأشهد شهودا غير الأولين الذين كانوا شهدوا على الإقرار، فقامت المرأة تطلب ذلك الشرط وقال الرجل: قد تركت الأمر الأول ونكحت نكاحا جديدا على غير شرط، قال: من يعلم ذلك؟ أله بذلك بينة؟ قال: لا، قال: ذلك يلزمه إلا أن تكون له بينة.
قال محمد بن رشد: معنى هذه المسألة أن النكاح لم يتم أولا وإنما خطبها على ما سمى من الشروط وكتب في كتاب وقبضت المرأة الكتاب لتنظر، ثم ترك الخطبة زمانا ثم عاد إليها فتزوجها ولم تذكر الشروط ثانية، فقال: إنها له لازمة لأن الخطبة الثانية مبنية على الأولى التي ذكر فيها الشروط إلا أن تكون له بينة أنه إنما خطبها الثانية وتزوجها على غير شرط، ولو كان النكاح قد تم أولا وانعقد على الشرط ثم طلقها وخطبها ثانية فتزوجها لكانت الشروط بالطلاق لازمة لها ما بقي من ذلك الملك شيء، وإن اشترط أنها لا تلزمه، إذ ليس للمرأة أن تسقط عنه ما قد لزمه من الأيمان بالطلاق، وبالله التوفيق.