للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان شديدا فتشبهوا به فصار إرم نعتا لهم كاللقب، كما يقال: زيد أسد وعمرو نعجة. ومعنى ذات العماد أنهم كانوا أهل عمود أي أخبية وماشية، فإذا كان الربيع انتجعوا، وإذا هاجت الأرض وجف العشب رجعوا إلى منازلهم. والعماد جمع عمد، وعمد جمع عمود. وقيل معنى ذات العماد أي ذات العدة وكانوا أعطوا بسطة في الخلق لم يعطها غيرهم: كان الرجل منهم في غاية القوة وكان أطولهم ستين ذراعا وأقصرهم اثني عشر ذراعا. وقال بعض نقلة الأخبار إنه كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستون ذراعا، وجلهم ما بين المائة إلى الثمانين. وقوله: {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ} [الفجر: ٨] على هذا القول راجع إلى القبيلة لما كان فيهم من الشدة وعظم الخلق. قال أبو جعفر الطبري: ومن ذهب إلى أن إرم اسم لبلدتهم وقال: إن الهاء في مثلها لذات العماد فقد غلط، لأن العماد واحد مذكر، والتي للأنثى، ولا يوصف المذكر بالتي، ولو كان ذلك من صفة العماد لقيل الذي لم يخلق مثلها في البلاد، وبالله التوفيق.

[مخالطة اليتيم في النفقة]

في مخالطة اليتيم في النفقة قال: وسألته امرأة فقالت: أخذت صبية يتيمة احتسبت فيها الأجر، فيدها مع يدي ويد بناتي لست أضن عنها بشيء، فربما سألني عنها السائل فأعطاها الدراهم فأشتري لها بها الشيء، فربما لم يكن عندي ما أطعم ولدي فأطعمهم من الذي اشتريت لها، وربما أكلت منه إذا لم يكن بيدي ما أشتري به، فقال لها: أنا أخبرك عن ذلك، إن كان ما تنال منك الجارية مثل الذي تصيبين مما أخذت لها أو أكثر فلا بأس بذلك.

قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، لقول الله عز وجل في

<<  <  ج: ص:  >  >>