[يغتصب من الرجل صبرة من قمح فيريد الغاصب أن يصالح المغصوب]
من سماع سحنون وسؤاله ابن القاسم وأشهب
قال سحنون: وسألت أشهب عن الرجل يغتصب من الرجل صبرة من قمح، فيريد الغاصب أن يصالح المغصوب على كيل من القمح، فقال أشهب: إن كان قد لزم الغاصب القيمة بحكم أو بصلح اصطلحا عليه، ثم أراد أن يأخذ منه بالقيمة التي وجبت له كيلا من القمح، فلا بأس به، قلت لأشهب: ولم قلت: إن كان ألزم القيمة وهو حين غصبها كانت له القيمة لازمة؛ لأنها مجهولة، وليست بكيل معلوم؟ ألا ترى لو أن المغصوب منه أتى بشاهدين يشهدان فيها عشرين إردبا لا شك فيها، فقال المغصوب منه: أعطني عشرين إردبا أعطيته، فمن ثم لا يجوز له أن يصالحه على كيل إلا بعد ما يلزمه القيمة، إلا أن يصالحه من الكيل، على ما لا شك فيه، قال أشهب: وكذلك إذا غصب خلخالي فضة أو غير ذلك، من هذا الوجه، وهو يحكم عليه في الخلخالين بقيمتهما من الذهب.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة، أما إذا صالحه على قيمة اتفقا عليها فيها، أو حكم عليه بها، فجائز أن يصالحه على ما شاء من الطعام، من صنف طعام الصبرة التي اغتصبها، أو من غير صنفها. وعلى ما شاء من العروض والحيوان، أو على دنانير إن كانت القيمة التي وجبت عليه دراهم، أو دراهم إن كانت القيمة دنانير، يعجل ذلك كله، ولا يؤخر شيئا منه؛ لأنه يكون آخره فسخ الدين بالدين، أو ذهبا بورق إلى أجل، وما لم يصطلحا على القيمة، فيجوز أن يصالحه في القيمة التي تجب له عليه في الصبرة بما شاء من العروض والطعام المخالف للصبرة، إذا تعجل ذلك، ويجوز له أن يصالحه على قمح من صفة قمح الصبرة، لا أرفع منه، إذا لم