إلى رب الأرض، وقال: لا حاجة لي به فاصنع به ما شئت، فقال رب المال: أما إذ لا حاجة لك فيه فأنا أقره في أرضي ليكون لي منفعته، فلما بلغ تنازعا فيه. قال: أراه لصاحب الأرض؛ لترك الغاصب إياه يابسا من الانتفاع به لو نزعه؛ لأن رب الأرض إنما ترك عمل أرضه بما ترك له الغاصب من بنيانه.
قال الإمام القاضي: وهذا كما قال: إنه إذا أعدى على حقه، وهو أن يقلع زرع الغاصب ويزرع أرضه فلم يفعل، حتى أمكن الزرع، فليس له إلا كراء أرضه؛ لأنه لما ترك زرع الغاصب في أرضه، فقد رضي بأخذ الكراء منه فيها، ولا كلام في أنه إذا دعا رب الأرض الغاصب إلى أن يقلع زرعه فأبى من قلعه، إذ لا منفعة له فيه، وبرئ منه إلى رب الأرض، فقال له: اصنع له ما شئت إذ لا حاجة لي به، أن لرب الأرض أن يقره في أرضه ويكون له، بل ليس للغاصب أن يقلعه إذا لم يكن له فيه منفعة إن قلعه، ومن حق صاحب الأرض أن يجبر على قلعه، وإن لم تكن له فيه منفعة، إذ لا يلزمه قبول معروفه. واختلف إن كانت له فيه منفعة إن قلعه، هل يكون لرب الأرض أن يأخذه بقيمته مقلوعا فيقر في أرضه، ويحوز ذلك، أم لا؟ على قولين. وقد قيل: إن الزرع لصاحب الأرض، وليس للغاصب أن يقلعه، وإن كانت له فيه منفعة إن قلعه؛ لأنه هو أهلك ماله. وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ليس لعرق ظالم حق» حكى ذلك ابن عبد الحكم في مختصره عن مالك قال: والأول أحب إلينا.
وقد مضى القول على هذه المسألة في نوازل أصبغ من كتاب كراء الأرضين وفي رسم أول عبد أبتاعه فهو حر، من سماع يحيى من كتاب الاستحقاق مستوفى. وبالله التوفيق.