الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من التقليل من الدنيا وامتهانهم فيها بإجارة أنفسهم للخدمة والعمل، فذلك جائز لا عيب فيه، ولا غضاضة على من فعله، فقد قالت ابنة شعيب لأبيها في موسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ}[القصص: ٢٦] . وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ نَبِيِّ إلاَ وَقَدْ رَعَى غَنَماً. قِيلَ لَهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ: وَأَنَا» . واستئجار الرجل الرجلَ على سقي النخل كلُ دلو بدرهم إذا لم يواجبه على عدد معلوم، يشبه كراء الدار مشاهرة، له أن يترك متى شاء، ولرب النخل أَن يمنعه من التمادي على السقي إذا شاء ما لم ينقده، فإن نقده عدداً من الثمر لزمهما جميعاً بمنزلة إذا واجبه على عدد معلوم. وبالله التوفيق.
[الإغلاظ على أهل الجور من الأمراء بالقول]
في الإغلاظ على أهل الجور من الأمراء بالقول وذكر مالك: أن الحجاج قال لعبد الله بن عمر في كلام قاله له عبد الله بن عمر إلا يكون ضرب عنقه، فقال له عبد الله: إذن لسقرك الله به في جهنم على رأسك.
قال محمد بن رشد: قول عبد الله بن عمر للحجاج فيما كان هم به من قتل عبد الله بن عمر: إذن لسقرك الله به في جهنم على رأسك - يدل على ما هو معلوم من مذهب عبد الله بن عمر أن القاتل لا توبة له وأن الوعيد لاحق به؛ لأنه أخبر أنه لو فعل لسقره الله به في جهنم على رأسه، ولم يستثن توبةً ولا غيرها. وقد روي أنه سُئل عن القاتل عمداً هل له من توبة؟