[مسألة: تصدق على رجل بعبد على ألا يبيعه ولا يهبه سنة]
مسألة قيل لسحنون: أرأيت لو أن رجلا تصدق على رجل بعبد، على ألا يبيعه ولا يهبه سنة، ثم هو له من بعد السنة بتل يصنع به ما شاء، فقال: أراه جائزا، وله أن يبيعه ويصنع به ما شاء الساعة.
قال محمد بن رشد: قول سحنون في هذه المسألة: إن الصدقة جائزة، والشرط باطل، خلاف قوله في رسم إن خرجت، من سماع عيسى، في الذي يتصدق على رجل بصدقة على ألا يبيع ولا يهب، أنها حبس، والذي يأتي في هذه المسألة على قوله في تلك، أن يكون حكمه حكم من أخدم رجلا عبده سنة، ثم هو له بعد السنة، فيخدمه في هذه السنة على ملك المتصدق به، ثم يكون له بعد السنة بتلا، فتكون الجناية إن جنى عليه في هذه السنة لصاحبها الذي تصدق به، ويتخرج في المسألة أيضا ثلاثة أقوال سوى هذين القولين؛ أحدها: أن الصدقة جائزة، والشرط لازم، فيخدمه في هذه السنة على ملك نفسه، فإن جنى عليه كانت له جنايته. والثاني: أن الهبة باطلة، إلا أن يبطل سيده الشرط، ويمضي الصدقة؛ فإن مات السيد قبل أن يمضي الصدقة بطلت، وكذلك إن انقضت السنة قبل أن يمضيها. والثالث: أن المتصدق يخير بين أن يبطل الشرط ويمضي الصدقة أو يردها، فإن مات قبل السنة نزل ورثته في التخيير في ذلك منزلته، وإن انقضت السنة مضت الصدقة، ولم يكن له ولا لورثته في ردها خيار، وقد مضى ما يدل على ما ذكرناه في آخر سماع سحنون قبل هذا، وفي رسم إن خرجت من سماع عيسى؛ لأن الوجه في ذلك متقارب في المعنى، وبالله التوفيق.