للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: يهوى المرأة فيتزوجها ليقضي منها لذته وليس من شأنه أن يمسكها]

مسألة وسئل مالك عن الرجل يهوى المرأة فيريد أن يتزوجها فيقضي منها لذته، وليس من شأنه أن يمسكها إذا قضى منها لذته، ويفارقها بعد أن يشتفي منها، قال: لا بأس بذلك، وليس هذا بجميل من أخلاق الناس، ولا أحسب إلا أن من النساء من لو علمت بذلك لم ترض أن تتزوج مثل هذا. قال مالك: وهذا بالعراق النهارية، فقيل لمالك: ما النهارية؟ فقال: قوم يتزوجون على أن لا يأتيها إلا نهارا ولا يأتيها ليلا، قلت له: ما سمعت بهذا، قال: بلى، هذا فيهم قديم، قيل لمالك: أفتكره ذلك؟ قال: نعم مكروه ولا خير فيه، قال عيسى: فإن وقع فسخ قبل البناء وبعده.

قال محمد بن رشد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أما الذي يتزوج المرأة ونيته أن يقضي منها لذته ويفارقها، فلا بأس بذلك كما قال، إذا لم يظهر ذلك ولا اشترطه، إذ قد ينكح المرأة ونيته أن يفارقها ثم يبدو له فلا يفارقها، وينكحها ونيته ألا يفارقها ثم يبدو له فيفارقها، ألا ترى أن الرجل لو نوى طلاق امرأته إلى مدة يشتفي منها إليها، لم يؤثر ذلك في جواز بقائه معها، والأصل في ذلك قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦] الآية، وهذا مثل ما أجاز ابن كنانة للرجل يقدم البلد فيريد أن يقيم فيه شهرا، من أن يتزوج ليستعفف، وينوي طلاقها إذا أراد الخروج إذا كان إنما هو أمر يحدث به نفسه دون أن يضمره.

قال محمد بن رشد: ولو علمت المرأة بذلك قبل النكاح كانت المتعة بعينها، وأما النهارية فلا تشبه هذه المسألة لأن الشرط في العقد، فهو نكاح فاسد

<<  <  ج: ص:  >  >>