على الباقية منهما، فماتت أخته فأراد أن يُبَتِّلَها لأمه تبيعها أو تَصْنَعُ بها ما شاءت، قال: أرى ذلك له إن شاء بعد تفكره فيها، وكأنه لم يرها من ناحية الدور، قال ابن القاسم: ولو أن رجلا حبس دارا أو أرضا ثم أراد أن يفعل ذلك لم يكن ذلك له إلَّا أن يكون اشترط أن مرجعهما إليه فهو يجوز أن يفعل ذلك، ويفعله في غيرهما بعدهما إن أراد ذلك.
قال محمد بن رشد: إنما أجاز له أن يُبَتِّلَهَا لأمه لأنه رأى أنها ترجع إليه بعد موتها ملكا مطلقا، ولا ترجع بمرجع الأحباس كالدور، وهو معنى قوله: ولم يرها من ناحية الدور، وإنما لم يرها كالدور لأنه رأى التحبيس المعقب المحرم فيها مكروها، واستحب له أن يَصرِفَهُ إلى ما هو أفضل منه، فرأى تبتلها لأمه أفضل لما في ذلك من البر بأمه، ورفع الضرر عن الجارية ما يُرجى لها من العتق، وهذا هو معنى ما في كتاب ابن المواز من قوله في هذه المسألة وكأنه رآهُ من ناحية البِرِّ وفي رسم استأذن من سماع عيسى بعد هذا أنها ترجع بمرجع الأحباس كالدور، وقد مضى الكلام على هذا المعنى وما يتعلق به مما هو من معناه شي أول مسألة من الكتاب وبالله التوفيق.
[مسألة: تصدق بدار له حبسا على ولده وولد ولده]
مسألة وسئل مالك عن رجل تصدق بدار له حبسا على ولده وولد وَلَدِه فخرج إنسان منهم إلى بعض البلدان ثم قدم فأراد أن يسحَن الدار ويخرج له بعض من يسكنها من منزله الذي كان يسكنه، قال مالك: إن كان خرج في تجارة أو في طلب حاجة فإني أرى ذلك له، وإن كان انقطع إلى بعض البلدان ثم بَدَا له فرجع لم أر لَهُ أن يُخرَجَ له من منزل كان يسكنه أحد ممن يسكنه.
قال محمد بن رشد: هذا من قول مالك، وما قال ابن القاسم في المدونة يبين قوله المتقدم في آخر أول رسم من سماع ابن القاسم، وقد ذكرنا