قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة في الذي يحلف ألا يفعل فعلا فأكره عليه أنه لا حنث عليه لأنه مغلوب على الدخول كما لو احتمل فأدخل أو أكره على الدخول بضرب أو عذاب أو ما أشبه ذلك مما يكون به الإكراه إكراها، وهذا ما لا اختلاف فيه، وإن كان إكراها على فعل فلا يدخله من الاختلاف ما ذكرناه في رسم حمل صبيا من الاختلاف في الإكراه على الأفعال؛ لأن هذا إكراه على فعل يقصد إلى اليمين الذي هو قول، فيتفق على أن الإكراه يكون فيه إكراها كما يكون في الأقوال، وقد مضى في رسم العرية من هذا السماع ذكر الاختلاف في الإكراه على ترك الفعل في الأيمان وفي رسم طلق من سماع ابن القاسم ورسم الأقضية الثالث من سماع أشهب ما يقوم مقام الإكراه في ذلك من الغلبة عليه، فليتأمل ذلك كله من أحب الوقوف عليه وفي مواضعه المذكورة وبالله التوفيق.
[مسألة: دخلت عليه امرأته فقال هي طالق البتة إن لم أفترعها الليلة]
مسألة وقال أتيت بهذه المسألة ونزلت في رجل دخلت عليه امرأته فقال هي طالق البتة إن لم أفترعها الليلة، فوطئها فإذا هي ثيب.
قال لا شيء عليه، إنما أراد وهو يظن أنها عذراء. قيل أفترى إن كان حين علم أنها ثيب واستقر عنده ذلك ترك وطأها تلك الليلة فلم يطأها، أتطلق عليه؟ قال: نعم. قال أصبغ: ولو علم قبل الوطء بعد اليمين أنها ثيب فترك وطأها ليلته رأيته حانثا.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن يمينه إنما وقعت على الوطء لا على افتراعها من غير وطء، ومعنى ما حلف عليه لأطأنها وطأ أفترعها به، فإذا وطئها الليلة بر وجد لها عذرة أو لم يجد، وإذا لم يطأها الليلة حنث وإن لم تكن لها عذرة. ولو حلف ليذهبن عذرتها من غير وطء لم يحنث إذا وجدها ثيبا كمسألة الحمامات من كتاب النذور من المدونة وما كان في معناها، وبالله التوفيق.