فليس له أن يرجع، وقيل: له أن يرجع. والقولان قائمان في المدونة، وبالله التوفيق.
[طلق المريض امرأته النصرانية أو الأمة في حال الحجر ألبتة]
من نوازل سحنون
قال سحنون: إذا طلق المريض امرأته النصرانية أو الأمة في حال الحجر ألبتة، ثم أسلمت أو أعتقت الأمة في العدة، ثم مات، فلا ميراث لهما؛ لأنه لا يتهم فيهما؛ لأنهما ليستا ممن كان الحجر لهما، وإن كان طلاقه لهما واحدة فأسلمت أو أعتقت في العدة، فله الرجعة؛ لأن الرجعة ليست بنكاح الملك، ألا ترى أن المحرم يرتجع ولا يتزوج؟ وإن أسلمت أو أعتقت في العدة ثم مات في العدة ولم يرتجع، فلها الميراث، وإن مات بعد انقضاء العدة ولم يرتجع، فلا ميراث لها. فخذ هذا على هذا الأصل؛ لأنه أصل قولنا، والذي لم يزل عليه أهل المدينة. وروى أصبغ عن ابن القاسم أن لها الميراث. قال أصبغ: لأنه يتهم أن يكون فر بميراثه حتى خشي أن يسلم أو يعتق، فترثه، فلما علم بذلك طلقها ولو أن مريضا تزوج أمة أو نصرانية، لم يجز ذلك وفسخ؛ لأنه يخاف أن تسلم النصرانية وتعتق الأمة، وقاله أصبغ.
قال محمد بن رشد: الظاهر من قوله: ولو أن مريضا تزوج أمة أو نصرانية، إلى آخر قوله، أنه من قول ابن القاسم، ولا إشكال أن ذلك لا يجوز على مذهب ابن القاسم؛ لأنه إذا كان متهما عنده في طلاقهما، فهو لا شك متهم في نكاحهما، وإنما الكلام هل يجوز له نكاحهما على مذهب سحنون الذي لا يتهمه في طلاقهما؟ والصحيح أن ذلك لا يجوز عنده ولا عند غيره؛ لأنه وإن لم يتهمه في نكاحهما، كما لم يتهمه في طلاقهما، فهو يفسخ من جهة فساد الصداق، للغرر الذي فيه بكونه من الثلث، وإذ لا يدري هل يثبت لها ما سمى أو صداق المثل؟ ومن جهة فساد العقد أيضا؛ إذ لا يمكن إيقاف